عدد المساهمات : 17 نقاط : 51 تاريخ التسجيل : 15/04/2009
موضوع: خـلـفـيـة تـاريـخـيـة الأربعاء أبريل 15, 2009 9:47 am
لقد اهتم الإنسان منذ القدم باكتشاف الكون، فكان يرصد الأجرام السماوية
من نجوم وكواكب، ويسجّل حركتها، ويهتدي ببعضها في أسفاره في البر والبحر، وأما (النقلة النوعية الكبرى) في علم (الفلك) فقد بدأت مع اختراع العالم الإيطالي (جاليليو جاليلي) للتلسكوب (المقراب)، وهو أداة لتقريب الأجسام البعيدة ورؤية تفاصيلها، وقد قام (جاليلي) في عام 1609م بتوجيه تلسكوبه إلى السماء، ليشاهد ما لم يشاهده بشر من قبل، فرأى تضاريس القمر من جبال وسهول، واكتشف توابع المشتري، وشاهد بقعاً على الشمس، وهي مناطق على سطح الشمس تكون أكثر برودة فتبدو أشد دكانة من المنطقة المحيطة بها.
منذ تلك اللحظة التي وضع فيها (جاليلي) قدم البشرية على مسار اكتشاف الكون بطريقة مباشرة، تطوّرت التلسكوبات، وكبرت أحجامها، وتحسّنت وسائل تصنيعها، وراحت قدراتها تتضاعف، إلا أن العقبة الكبرى أمام جودة التلسكوبات وكفاءتها كانت تكمن في الغشاوة التي تلازم الصورة بسبب ما يحدثه (الغلاف الجوي) من تأثير على الأشعة الضوئية حيث يشتّتها بطريقة عشوائية، ويحيد بها عن مسارها، وهذا التأثير هو المسؤول - أيضاً - عن (وميض النجوم)، فلو نظرت بالعين المجرّدة إلى نجم في ليلة صافية لوجدته يومض، حيث يختفي ضوؤه ويعود بسبب ذلك التشتت لأشعة الضوء.
وبسبب تأثير (الغلاف الجوي)، إضافة إلى (التلوّث الضوئي) الناتج عن تداخل أضواء المدن، و(التلوث الصناعي) الناتج عن الغازات التي تطلقها المصانع وتؤثر على الأشعة الضوئية عبر تشتيتها وحجبها، فإن موقع التلسكوب أصبح مهماً تماماً مثل أهمية حجم المرايا والعدسات والتقنيات الأخرى المستخدمة في صناعة التلسكوب، ولهذا انطلق الفلكيون ليشيّدوا تلسكوباتهم الضخمة على الجبال المرتفعة حيث تكون طبقة الهواء رقيقة، ومصادر التلوث الضوئي والصناعي بعيدة.
وبالرغم من تلك الإجراءات لتقليص تأثير (الغلاف الجوي) إلا أنه بطبيعة الحال بقي عاملاً مهماً في الحدّ من كفاءة الرؤية مهما بلغت ضخامة وجودة التلسكوب الأرضي، ولم يبق في الواقع إلا حلاً جذرياً واحداً لهذه المشكلة، وهو أنه إذا لم يكن بالإمكان التغلّب على تأثير (الغلاف الجوي)، فإن الهروب من (الغلاف الجوي) والفكاك من أسره ينبغي أن يكون هو الهدف، وهذا هو ما أتاحته إمكانات (التجوال الفضائي) الذي أصبح معلماً من معالم الثلث الأخير من القرن العشرين